[size=18]فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ
كتبه / أحمد فريد
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،
أول واجب على المكلف معرفة الله -تعالى- بالدليل، قال -تعالى-: (فاعلم أنه لا إله إلا الله)(محمد:19) فالله -تعالى- هو رب الناس، والرب هو الخالق الرزاق، المحي المميت، الذي يجمع الناس ليوم لا ريب فيه، وهو الحاكم المشرع، فلا يجوز التحاكم إلى غير شرعه، ويجب على المسلم كذلك أن يتعرف على أسماء الله -تعالى- وصفاته، وأن يثبت لله -تعالى- ما أثبته لنفسه، وما أثبته له رسوله ـصلى الله عليه وسلم ـ. وتوحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات هو توحيد المعرفة والإثبات ولازم هذا التوحيد النوع الثاني من التوحيد، وهو توحيد القصد والطلب، أو توحيد الألوهية، ولا شك في أن صاحب هذه الخاطرة لم يقصد هذه المعرفة التي يعلمها أكثر المسلمين، ولكنه يقصد معرفة خاصة: وهي المعرفة التي يترتب عليها شدة محبة الله -تعالى-، والأنس به، والشوق إلى لقائه، والاستغناء به -تعالى- يستغني بحبه عن حب ما سواه، وبذكره عن ذكر ما سواه، وبخدمته عن ما سواه.
فمثل هذا العارف تحبب إليه الطاعات والعبادات، وتصير جنته التي ينقلب منها إلى جنة الآخرة. كما قال شيخ الإسلام: إن في الدنيا جنة، من لم يدخلها، لن يدخل جنة الآخرة.
وقال: ما يفعل بي أعدائي، أنا جنتي معي، بستاني في صدري، إن سجني خلوة، وقتلى شهادة، وإخراجي من بلدي سياحة، وتعذيبي جهاد في سبيل الله.
وقال بعضهم: إنه لتمر بي أوقات أقول إن كان أهل الجنة كما نحن فيه، والله إنهم لفي عيش طيب.
وقال بعضهم: إنه لتمر بي أوقات يرقص فيها القلب طرباً.
وقال بعضهم: أحبه إليَّ أحبه إليه.
وقال بعضهم: إني لا أحسن أن أعصي الله.
وقالت إحدى الصالحات من السلف: تعودوا حب الله وطاعته، فإن المتقين ألفوا بالطاعة فاستوحشت جوارحهم من غيرها، فإذا أمرهم الملعون بمعصية مرت المعصية بهم محتشمة، فهم لها منكرون.
وقال بعضهم: لو يعلم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه من نعمة، لجالدونا عليها بالسيوف.
وقال بعضهم: أنا منذ أربعين سنة ما أزعجني إلا طلوع الفجر.
وقال بعضهم: أهل الليل في ليلهم ألذ من أهل اللهو في لهوهم، ولولا الليل ما أحببت البقاء في الدنيا.
أبــدا نفــوس الطــالبـيـن إلـى طـلــولـكم تــحــــــن
وكــذا القلــوب بذكـركـــم بــعد المخافــة تطمــئــــن
جــــنت بحـبـــــــــــــــــكم ومن يهوى يجن ولا يجن
رحم الله أعظما طالما نصبت وانتصبتْ
جن عليها الليل فلما تمكن وَثَبَتَ وَثَبَـتْ
إن ذكــرت عــدلـــه رهبــت وهـــربـــتْ
وإن تصـــــورت فضــله فرحـت وطربتْ
يا ديار الأحباب أين السكان؟ يا منازل العارفين أين القطان؟ يا أطلال الوجد أين أين البنيان؟ أماكن تعبدهم باكية، ومواطن خلواتهم لفقدهم شاكية، زال التعب وبقي الأجر، ذهب ليل النصب وطلع الفجر، تحت شجرة طوبى مستراح العابدين.[/size]